نويت الصيام في رمضان
اللهم أهلَّه علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام، هي أيامٌ معدوداتٌ تمضي أسرع من البرق.. أيام نكون فيها على موعد مع طاعة الله في شهر القرآن ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ (البقرة: من الآية 185)، فهل نويت صوم رمضان هذا العام؟! وهل نويت صيام الشهر كله؟! وهل عقدت العزم على ذلك؟!
سؤال يعتقد الجميع أنه بسيطٌ، وأن إجابته بسيطة أيضًا، وربما يتعجَّب البعض من كيفية وصيغة السؤال، ولكني أحببت أن أقف وقفاتٍ تربويةً من زاوية مختلفة، وأحب أن تقف أخي المسلم معي تلك الوقفات التربوية حول نية صيام شهر رمضان، فافتح قلبك وعقلك لتلك الوقفات، واستحضر ما قاله ابن القيم عن صيام رمضان؛ "فهو لجام المتَّقين، وجُنَّة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقرَّبين، وهو لربِّ العالمين من بين سائر الأعمال، فإنَّ الصائم لا يفعل شيئًا، وإنَّما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النفس وتلذُّذاتها إيثارًا لمحبَّة الله ومرضاته، وهو سرٌّ بين العبد وربه، لا يطَّلع عليه سواه، والعباد قد يطَّلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة، وأمَّا كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده؛ فهو أمر لا يطَّلع عليه بشر، وذلك حقيقة الصوم".
من هنا نبدأ
هي وقفة قبل البدء نريد أن نستشعر ما أراده الحبيب صلى الله عليه وسلم بقوله: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" ولذلك فإن نقطة البدء حدَّدها لنا صلى الله عليه وسلم وهو يضع أهم قاعدة يقوم عليها عمل المسلم بقوله: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"، وهذه هي نقطة الانطلاق في حياة المسلم، فهو لا يؤدي عملاً دنيويًّا كان أم أخرويًّا من قول أو فعل أو جهاد إلا وهو يقصد به وجه الله تعالى وابتغاء مرضاته وحسن مثوبته، من غير نظر إلى مغنم أو مظهر أو جاه أو لقب أو تقدم أو تأخر، لا ينتظر محمدةً من الناس ولا ثناءً منهم عليه، ولا يخاف لومهم وذمهم وعتابهم له، بل يريد الله والجنة، ومن أجل ذلك كانت نية المؤمن خيرًا من عمله، ويبلغ العبد بنيته ما لا يبلغه بعمله، ونية الخير باقية أبدًا لا تتوقف وإن توقف العمل، وقاصد الخير يثاب بنيته وإن لم يُصِبْ المراد، والنيات تحوِّل العادات إلى عبادات ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ (الكهف: من الآية 110).
ماذا أنت فاعل؟!
لقد أقبل علينا شهر التوبة والرحمة، شهر الإحسان والزهد، شهر الخيرات والبركات، تُرى ماذا أنت فاعل في رمضان؟ أتكون من المقبلين التائبين؟ أتكون من الطائعين الخاشعين؟ أتكون من الذاكرين الله آناء الليل وأطراف النهار والمستغفرين بالأسحار؟ أتكون من القائمين بالليل والناس نيام؟ أتكون من الزاهدين قاطعي النفس عن التلذذ بالمشتهيات؟!.. أم تكون من القانعين بعملهم؟ أم تكون من المكتفين بصيام العوام؟ أم تكون من السالكين درب الدعة والراحة في شهر الجد؟! وحبيبك يقول: "لا يشبع مؤمن من خير حتى يكون منتهاه الجنة"، فلا منتهى لفعل المؤمن في الطاعة والعبادة لله، ولا منتهى لطمعه في الخير حتى ينال حب الله وفي الحديث القدسي خير حافز "ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه".
وسأكمل في الرد القادم